عالجي طفلك بحدوته
يتمتع الأطفال بشفافية تنقل لهم الأحداث المحيطة بسرعة رهيبة
فهم يدركون بحاستهم السادسة أن والديهم متخاصمين، متشاجرين، أو منسجمين،
وبما أن ثروتهم اللغوية تظل عاجزة عن التعبير عن الأحاسيس الداخلية
فإنهم يكبتون أحاسيسهم ويحولونها إلى مشاكل صحية ونفسية
كالصراخ والاكتئاب والتبول اللاإرادي الناتج عن عدم تحمله الضغط والصراع النفسي الداخلي، واستجداء الكلام معهم – في هذا العصر-
يؤكد لهم أن هناك مشكلة يسعى الوالدين لإبعادها عنه وأن هناك خطر سيقع لا محالة.
وقد أدرك علماء التربية أن سؤال الأطفال بشكل غير مباشر عما بهم
يؤكد لهم أن في الأسرة خلل ما؛
فهناك قصص لحل مشاكل الأولاد" من خلال رواية القصص لهم التي تحاكي واقعهم،
فتكون بالنسبة لهم كالمرآه يرون فيها تجربتهم بعيداً عن الأسئلة المباشرة،
فيستطيع الأهل بسلاسل القصص هذه محاربة الضغط الذي يقع على أطفالهم
ومعالجة مشاكله الحالية بالرواية والخيال.
القصة تحاكي الواقع
أن الخيال يدفع الطفل للسيطرة على القلق، ويدفعه لتخطي الصعاب،
دون أن يجبر على الخضوع لأمر أو توجيه لأهله
فجملة: "لا تخاف من الظلمة..لأن هذا مثير للسخرية"
أو "نحن نحبك لشخصك"
كلها جمل اجتماعية تعيد الطفل لسؤاله من جديد وتعيد معه تخوفه دون أن يجد إجابة عليه،
لأن تلك الجمل تخدر أسئلته فقط وتجعله رافضا اعتباره ساذج أو أبله.
وندعوا الوالدين للتخلي عن مخاوفهم الشخصية مثل البطالة، الشيخوخة، المرض؛
للاندماج مع أطفالهم وليدخلوا عالمهم لأنه من الطبيعي أن يخاف الأطفال من الظلام،
أو الساحرة الشريرة أو يخشوا الضياع،
لذلك فمن من الطبيعي أيضا أن نحدثهم عن كل ذلك.
فمثلاً حينما نروي قصة لطفلة صغيرة عن "سيندريلا"
فإنها تعي بأن الغيرة من الأخوة حدثت بالفعل مع سندريلا واخواتها كما تحدث معها تماما،
وسترى بانها ليست الوحيدة التي تتمنى التخلص من اخاها الصغير،
من هنا تحاكي القصة الواقع، ويتطابق نموذج الطفله مع بطل القصة،
فيخرج من قوقعة القلق ويكف عن لوم الذات والشعور بالذنب الذي يدفعه للانطواء والاحباط،
فقراءة القصص تجعلنا نتحد مع الطفل وكأنه بين ذراعينا.
العلاج بالحكاية
أن الحكاية من الممكن جدا ان تتحول لواسطة نحرك بها رغبات الأطفال في البوح بما في داخلهم،
لأننا ببساطة نقترب منهم من خلال الحكي،
فلو جربنا رواية حكاية عن الأرنب الصغير الذي أمضى يومه باكيا في المدرسة
ولم يتناول طعامه فصرخ من الجوع
فاننا نجعل لسان الطفل ينحل فجاه لتتفاجئ به يقول:
"أنا أيضا فعلت ذلك، لكن المعلمة هدأتني وفتحت لي الحقيبة لأتناول طعامي".
يبدأ الطفل بالتنازل عن "الأنا" وتخيله بانه المنفرد في هذا العالم
الذي يعاني من الوحدة في المدرسة بمجرد رواية حكاية له
فتدفعه للتعبير عن مشاعره بشكل غير مباشر ودون إحاطته بالاسئلة
التي ربما تدفعه للكتمان.
طقوس للقراءة
وهناك مجموعة إرشادات لإجادة توظيف فن الحكي:
امثل وقت للحكاية هي ساعة الذهاب للنوم
لانها لحظة سحرية يتخلص كلا الوالدين وطفلهم من ضغوط الحياة،
ونوصي الوالدين بمناقشة القصة بعد الانتهاء منها حتى تترسخ في وعيه.
خلق الجو المناسب لسرد الحكاية مثل: استلقاء الطفل على السرير وبجواره والدته أو والده،
خفت ضوء الغرفة، ارتداء ملابس الراوي، او اشعال بخور
لانهم مولعون بالطقوس التي تنقلهم للعالم السحري.
وضع جملة افتتاحية للقصة للدخول في طقس الحكاية مثل:" لقد حان وقت الحكاية"
من يرغب بسماع قصة؟" واخرى عند ختامها مثل:" كانت قصة ممتعة أليس كذلك؟"
تجعل من الراوي والمستمع شريكان في عمل واحد.
الحفاظ على الحكي بصوت واضح وهدوء،
مع التحكم بارتفاع وانخفاض الصوت كنوع من الأداء التمثيلي والحماسي،
وربما نوع الراوي من لهجات ابطال القصة حينما بتطلب الامر ذلك.
ابهار الطفل في القصص الطويلة تحافظ على تشوقه لان التشويق والمبالغة
هي قمة المتعة وممارسة جيدة لخياله،
كأن تقسم الرواية على عدة ليالٍ.
ان يكرس الوالدين جزء من وقتهم لسرد قصة على طفلهم دون محاولة التملص من المهمة،
فإن ذلك يمنح الطفل شعورا بالامتنان والتقدير لان يفرغ احد الوالدين وقته لسرد قصه له.
في حالة تعدد الابناء في الاسرة فإن الأفضل قراءة قصة منفصلة لكل منهم على حدة
لان ذلك يحافظ على الوثاق الحميم بين الطفل ووالديه،
بخلاف ان في ذلك مراعاه لاهتمام وخصوصية كل طفل على حدة.
لا يجب التوقف عن عمد عند كل كلمة غامضة بالنسبة للطفل
وانما يجيبه الوالدان في حال بادر بالسؤال عنها،
حتى يمنح الفرصة لتفهم النص دون ان نتوقف عند كل كلمة غامضة
لان القصة ليست منهجا دراسيا،
بالاضافة ان الكلمات الغامضة تثري لغته وبامكانه فهمها من السياق.